بسم الله الرحمن الرحيم
الضحية والبطل
........................................
كالعادة بعد أن مللت من النوم وصحيت متأخرا واخذت حماما ولبست ملابسي المعلقة على الشماعة كمرة ثالثة أو رابعة لا أذكر ، وانتعلت حذاء اخي الذي ورثه من والدي وخرجت إلى الشارع اطرق بيه الطرقات في ايقاع لا يبحث عن انتظام او تجانس ، كانت يداي النحيلتان تجعلاني أبدو ككأس البطولة وانا اضع كفاي في جيبي سروالي ألهو بثقب احدهما وألعب بخيط متواجد على الدوام بالأخر.
كانت الشمس حددت ملامح ظل كل الكائينات التي تلهبها بأشعتها الحادة ،،، وقفت أمام بعض المحلات انظر إلى المارة في تثأؤب طويل يعقبه هزة رأس عنيفة خلافا لحركاتي الهادئة ،، ثم ما ألبث اتفحص الفتيات وثيابهن الجميلة التي تبرز جمال وتناسق خلقتهن الرائعة ،، ولكني اعود لأعنف نفسي بهذا السلوك القبيح ،، ثم اعود لأجمله بأني اتمنى ان أرزق بعروس تكون لها من الصفات الحسنة ما يوازي جمالها البراق ولعل الله يرحمنى باحداهن وان يجعل لي عن طريقها مخرجا.
ثم اعاتب نفسي من جديد واقول يجب على ان اكون فتى محترما ، فهذا الشيئ الوحيد الذي يمكنني تحقيقه حاليا .
رغما عن ذلك مرت بي فتاة جذابة انتقلت عيناي اللماحتان ترمقانها بسرعة وفضول إلا أنني احجمت نفسي عن الزغللة وخفضت بصري قبل ان يلتقط ابتسامة ونظرة حالمة منها ، ثم ما لبثت ان عادت ووقفت امامي وسألتني عن متجر ، فأجبت طلبها واشرت إلى المتجر دون أن انظر إليها ولا ادري كيف فعلت ذلك ،، ثم ذهبت وهي تتمشى بجذالة وتلتفت إلى بابتسامة عجيبة ، حتى غابت.
وقفت في ذهول من أمري منذ اكثر من عامين لم اجد حظا كهذا اليوم، فتاة حسناء تقف امامي وتسألني بكل لطف وبابتسامة مريحة ونظرة ودودة وانا اطرق كما يطرق التلميذ امام الناظر.
لم ألم نفسي بل شعرت برضا واحترام لذاتي ،، ولكنها لم تدم حيث وقف امامي رجل ضخم ويبدوا انه كان يتحدث معي وانا غارق في فتاة احلامي ،، حتى انتهرني :
- هي انت ايها الابله.
رفعت رأسي وبدأ لي الرجل غاضبا
- ماذا
- كيف تجرؤ على مغازلة اختي هكذا امام الناس
فوجئت بالفتاة اللطيفة ذات الابتسامة المريحة تقف بجواره وعيناها مليئة بالدموع وصدرها يعلو ويخفض في نواح صامت
- أنا
- نعم انت وهل هنالك أبله غيرك هنا
نظرت إلى الفتاة وقلت لها متوسلا
- اعلمي هذا الرجل بأنه ليس انا من تبحثون عنه
- كيف ليس انت ،، ايها الجبان
- ماذا
- ألم تغازلني ،، حتى انك تبعتني وأوقفتني واصبحت تسمعني كلاما فاحشا
- أنا
- ايوه انت ،، خلاص اصبحت تنكر ألم تقل بأنك لا تعبأ بأي احد
- أنا
- نعم انت وعندما رجوتك ان تتركني في حالي بدأت بتحريك يديك و......
هنا امسك الرجل الضخم بقميصي وحاول رفعي إلى مستواه ،، فأرتفع القيص ممزقا وبقيت انا عاريا انظر إلى هذا الرجل وتلك الفتاة اللعينة وبقية القوم الذين تجمهروا امامي ،،، وبسرعة بدأ عقلي يفكر :
يبدو أني وقعت في مصيدة بعض المحتالين ،،، كيف لي ان اخرج من هذه الورطة ،، ولكن يبدوا انهم محتالون مستجدون ،، ذلك لو ان بهم بعض خبرة ، لعرفوا اني يداي المعروقتان هاتين لم تمس ورق اخضر منذ اكثر من اشهر وان فمي الجاف هذا لم يتذوق طعم الحلويات والمياه الغازية التي اعشقها من قبل ان يتم فصلي من الجامعة، ولو أنهم ذوي نظرة ثاقبة كانو ادركو بأني ارتاد الطرقات دون جدوي من خلال حذائي الذي يسابق حذاء الطنبوري شهرة ،،
ثم بدأ عقلي يعيد حساباته وقد قذف الرجل ببقايا قميصى واخذ يلوح بيديه وكفيه ، وما زالت انا انظر إليه ورأسي مرفوع محملقا فيه واخشى ان انزله فيقوم في غفلة مني بصفعي ،،
لو أن هؤلاء محتالين ويعلمون بأنني لا املك حتى ابرة و خيط اصلح بها هذا القميص العزيز على ،، إلا أن يكون هؤلاء من الذين يسرقون اعضاء الناس ،، يأالهي ليس لي غير كلية ادخرها لزواجي واخرى لأحيأ بها ،، ولا استطيع ان اعيش من غير كبد أو قلب..
ثم نظرت اجول ببصري على القوم لعلي أرى شرطيا أو شخصا ذا مكانة لينقذني من هؤلاء البشر ،،
تلفت يمنة ويسارا ثم وجدت شرطيا واقفا امام محل ومعه اشخاص ينظرون إلينا كما يشاهدون مباراة لكرة قدم .
جال بذهني بأن هذا شرطي مزيف وهو مشترك مع هؤلاء المجرمين.
ماذا افعل حتى اخرج نفسي ووجدت نفسي أقول للرجل مدعيا الذكاء:
- ارجو أن نذهب إلى الشرطة حتى استوجب العقاب المناسب.
بدوت غبيا وأنا أرى علامات التعجب والاندهاش عليه ومن ثم اطلق ضحكة عالية ،، فضحكت الفتاة وضحك القوم المتجمهرون ونظرت إلى الشرطي ووجده يضحك ثم نظروا إلى عيني المرعوبتين واشارو إلى رجل يقبع خلف المتجر الذي يراقب من خلاله الشرطي ، ثم خرج رجل يحمل كاميرا وهو يضحك ويلوح لي ،،، ثم صافحني الرجال جميعهم ،، وتلك الفتاة ذات النظرات الفظيعة القت بنفسها على وطبعت على مكان ما في رأسي قبلة وهي تضحك بطريقة هستيرية.
.........................................................
بعد ذاك غبطني أبناء الحي وتمنوا ما لقيت من شهرة ،، ومنذ ذلك اليوم اصبحت بطل الحي